يأجوج ومأجوج كأنك تراهم تماما ... كل الاحاديث والاييات الواردة عنهم
| 0 comments ]
هذا الموضوع تم تجميعة
من كثير من اراء الشيوخ والعلماء حول ما دار حول يأجوج ومأجوج ووصفهم كأنك تراهم تماما
نسأله الله ان يعيذنا من فتنة النحيا وفتنة الممات وفتنة المسيخ الدجال
// ذِكــــرُهـــم فــي الـــقـــرآن الــكَــريــم \\
ورد ذكر يأجوج ومأجوج في كتاب الله بموضعين :
الأول : - في سورة الكهف عند الحديث عن ذي القرنين .. قال تعالى ( ثُم أتبعَ سَبَباً () حتَى إذَا بَلَغَ بَينَ السَدين ()
وَجَد من دُونِهمَا قوماً لا يَكادُونَ يَفقَهُونَ قَولاً () قَالُوا ياذا القَرنَين إن يأجوجَ وَمَأجُوجَ مُفسدُون فِي الأرِض فَهَل
نَجعَلُ لَكَ خَرجاً عَلى أن تُجعَل بَينَنَا وبَيَنهُم سَداً() قَالَ مَا مَكني فِيه رَبٌي خَيرٌ فَأعِنُونِي بِقوةٍ أجعَل بَينكُمُ وَبَينَهُم
رَدماً ()ءاتُونِي زُبَرَ الحَديِد حَتى إذَا سَاوَى بَينَ الصدَفَين قَالَ انفُخُوا حَتى لإذَا جَعَلَةُ نَارا قَالَ ءَاتُونِي أفرغ عَلَيِه
قِطراً () فَمَا استطَاعُوا أن يَظهرُوهُ وَمَا استطَاعُوا لَهُ نَقباً () قَال هَذا رَحمَةً مِن ربي فَإذَا جَآء وَعدُ رَبي جَعَلةُ
دَكاءَ () وَكاَنَ وَعدُ رَبِي حَقاً ). الكهف ( 92 – 98 ).
الثاني : - في سورة الأنبياء قال تعالى ( حَتى إذَا فُتِحت يَأجُوجُ وَمَأجُوجُ وَهُم مِن كُلِ حَدَبِ يَنسِلُونَ () وَاقتَرَبَ
الوَعدُ الحَقٌ فَإذَا هيَ شَاخِصَة أَبصَارُ الذيِنَ كَفَرُوا ياوَيلَنَا قَدُ كُنا فِي غَفلةٍ مِن هَذا بَل كُنا ظَالِمينَ () إِنكُم وَمَا تَعبُدُونَ
مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنمَ أَنتُم لَهَا وَارِدُونَ ).
// ذِكـــرهــــم فـــــي الأحــاديـــــث الـــنــبــويــة \\
ورد ذكرهم في الكثير من الاحاديث النبوية منها الصجيج ومنها الحسن ومنها الضعيف وسيتم ذكر منها أمثله
على سبيل المثال لا الحصر.
روى مسلم في صحيحه قال حدثنا وهيب , حدثنا عبدالله بن طاووس عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وعقد وهيب بيده تسعين ].
عن حذيفة الغفاري رضي الله عنه قال [ أطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال ماتذكرون
قال نذكر الساعه قال إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر الدخان والدجال والدابه وطلوع الشمس من
مغربها ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف
بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ].
/ مــعــنــى يــأجــوج ومـأجــوج \
يأجوج ومأجوج إسمان أعجميان بدليل منعهما من الصرف وعلتهما في منع الصف العجمه والتعريف والتأنيث وهذا
قول الأكثرين ,, وقيل بأنهما مشتقان وأختلف في أشتقاقهما فقيل من أجَجَ النار وهو ألتهابها وقيل من الأجة بالتشديد
وهي الإختلاط أو شدة الحر وقيل من الأُج وهو سرعة العدو وقيل من الأجاجة وهي الماء الشديد الملوحة , وقد ذهب
الجمهور إلى قراءتها بغير همز " ياجوج وماجوج " وقرأ عاصم بالهمز " يأجوج ومأجوج ".
وجميع ماذكر من الأشتقاق مناسب لحالهم موافق لأفعالهم ,, فخروجهم سيكون سريعاً لأنهم من كل حدبٍ ينسلون
وسيجوبون الأرض فساداً وخراباً كالنار إذا عظمت إلتهمت كل شئ في طريقها.
// نــــســـــبــــــهــــــم \\
أختلف العلماء في نسبهم على عدة أقوال :
الأول : من بني آدم من أبناء يافث بن نوح وبه جزم وهب بن منبه وقال به مقاتل وغيره ويؤيده ما رواه ابو هريره
مرفوعاً [ ولد لنوح عليه السلام سام وحام ويافث , فولد لسام العرب وفارس والروم وولد لحام القبط والبربر والسودان
وولد ليافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ]. وقد ذكر أبن عبد البر الأجماع على هذا القول , وقال الحافظ أبن حجر
في فتح الباري شرح صحيح البخاري وهذا هو المُتمد,
الثاني : يأجوج من الترك ومأجوج من الديلم .
الثالث : قول كعب الأحبار بأنهم من ولد آدم من غير حواء وذلك أن آدم عليه السلام نام فأحتلم فأمتزج نطفته بالتراب
فخلق الله منها يأجوج ومأجوج , قال أبن كثير في تفسيره وهذا قول غريب جداً ثم لا دليل عليه لا من عقل ولا من نقل
ولايجوز الاعتماد ههنا على مايحكيه بعض أهل الكتاب لما عندهم من الاحاديث المفتعله , ومعلوم أن كعب الاحبار كان
كثير الرواية عن أهل الكتاب . وقال القرطبي ( وهذا فيه نظر لأن الانبياء صلوات الله عليهم لا يحتلمون وإنما هم
( يأجوج ومأجوج ) من ولد يافث بن نوح ).
الرابع : قال النووي في الفتاوى ( يأجوج ومأجوج من أولاد آدم لا من حواء عند جماهير العلماء فيكونوا أخوننا لأب ).
قال أبن حجر في فتح الباري ( ولم نرى هذا عن أحد من السلف إلا عن كعب الاحبار ويرده الحديث المرفوع أنهم من
ذرية نوح عليه السلام ونوح من ذرية حواء قطعاً ).
// عــلاقــــة يـــــأجــــــوج و مـــــأجـــــوج بــالأتـــــراك \\
الأتراك جزء من يأجوج ومأجوج كما صرحت بذلك الاحاديث النبوية فعن سمرة رضي الله عنه قال , قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم [ ولد لنوح ثلاثه سام أبو العرب , وحام أبو السودان , ويافث أبو الترك ] . ويأجوج ومأجوج كما
أثبتنا سابقاً من نسل يافث بن نوح , وعليه فهم يشتركون مع الترك من جهة الأب . وأخرج أبن مردويه من طريق السدى
قال [ الترك سرية من سرايا يأجوج ومأجوج خرجت تُغير فجاء ذو القرنين فبنى السد فبقوا خارجاً ] . وأخرج الحاكم من
رواية سعيد بن بشير عن قتادة قال [ يأجوج ومأجوج ثنتان وعشرون قبيلة , بنى ذو القرنين السد على إحدى وعشرين
وكانت منهم قبيلة غائبه في الغزو وهم الأتراك فبقوا دون السد ]. وذكر القرطبي في تفسيره عن الضحاك قال [ الترك
شرذمه من يأجوج ومأجوج خرجت تُغير فجاء ذو القرنين فضرب السد فبقية في هذا الجانب ]. والمتتبع للأحاديث
النبوية الشريفه يلاحظ تتطابق الصفات التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في وصف الأتراك مع يأجوج ومأجوج.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ لاتقوم الساعه حتى يقاتل المسلمين الترك , قوماً وجوههم كالمجان المطرقه يلبسون
الشعر ويمشون في الشعر ]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف يأجوج ومأجوج [ أنكم تقولون لا عدو وإنكم
لاتزالون عدواً حتى تقاتلوا يأجوج ومأجوج عراض الوجوه صغار العيون , صهب الشعور من كل حدبٍ ينسلون , كأن
وجوههم المجان المطرقة ].
قال القرطبي ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم عددهم وكثرتهم وحدة شوكتهم قال [ دعوا الحبشة ماودعوكم وأتركوا
الترك ماتركوكم ]. وذهب القرطبي إلى القول بأن الأتراك مقدمه ليأجوج ومأجوج اذاً الاتراك ويأجوج ومأجوج من
طينة واحده ويجمعهم أب واحد وصفات واحده ].
// أوصـــــافــــهـــــم الـــخَــــلـــقـــيـــة \\
ورد في أوصافهم أقوال كثيرة وأشياء غريبة أذكر ماصح منها وأعرض عن ذكر مالم يصح لعدم مطابقة بعضه لبعض.
قال الشوكاني في فتح القدير ( وقد وقع الخلاف في صفتهم فمن الناس من يصفهم بصغر الجثث وقصر القامة ومنهم من
يصفهم بكبر الجثث وطول القامة ومنهم من يقول لهم مخالب كمخالب السباع وإن منهم صنفاً يفترش إحدى أذنية ويلتحف
بالأخرى , ولأهل العلم من السلف ومن بعدهم أخبار مختلفة في صفاتهم وأفعالهم ). والذي ذكره الشوكاني في صفاتهم من
رواية وهب من منبه ولنقرأ قول أبن كثير في قول وهب.
قال إين كثير في تفسيره ( وقد ذكر إين جرير عن وهب بن منبه أثراً طويلاً عجيباً وفيه طول وغرابة ونكاره في أشكالهم
وصفاتهم وطولهم وقصر بعضهم وآذانهم وروى أيضاً إبن أبي حاتم عن أبيه في ذلك أحاديث غريبة لاتصح أسانيدها والله
أعلم ). ومن خلال قراءة الاحاديث النبوية ظهر لي أن أقرب الناس شبهاً بهم هم الأتراك مع وجود القصر فيهم للحديث الذي
أخرجه ابن المنذر والحاكم وصححه وإبن مردويه عن إبن عباس رضي الله عنهما قال ( يأجوج ومأجوج شبر وشبران
وأطولهم ثلاثة أشبار وهم من ولد آدم ). ومعلوم أن الخلق في تناقض من ناحية الطول فكل قرن أقصر من القرن الذي سبقه.
قال الحافظ إبن كثير في البداية و النهاية : والصحيح أن يأجوج ومأجوج من بني آدم وعلى أشكالهم وصفاتهم وقد قال النبي
صلى الله عليه وسلم [ إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعاً ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن ]. إذاً صفات الأتراك مطابقة
لصفات يأجوج ومأجوج ولننظر إلى صفات الأتراك كما بينتها الأحاديث النبوية.
عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً
نعالهم الشعر ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً صغار الأعين ذلف الانف كأن وجوههم المجان المطرقة ].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [ لا تقوم الساعه حتى يقاتل المسلمون الترك قوماً
وجوههم كالمجان المطرقة يلبسون الشعر ويمشون في الشعر ].
وعن خالد بن عبدالله بن حرملة عن خالته مرفوعاً ( إنكم تقولون لا عدو وإنكم لاتزالون تقاتلون يأجوج ومأجوج عراض
الوجوه صغار العيون صهب من كل حدب ينسلون كأن وجوههم المجان المطرقة ].
وعن قيس بن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ تقاتلون بين يدي الساعه
قوماً نعالهم الشعر كأن وجوههم المجان المطرقة حمر الوجوه , صغار الأعين ].
مجمل هذه الأحاديث يبين لنا بوضوح تام صفات يأجوج ومأجوج فهم عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة , والمجان
جمع مجن وهو الترس , والمطرقة التي قد عُليت بطارق وهو الجلد الذي يغشاه , فشبه وجوههم في عُرضها ونتؤ وجناتها
بالترس قد ألبست الأطرقة. قال إبن الأثير : كأن وجوههم المجان المطرقة أي التراس التي ألبست العقب شيئاً فوق شئ , ومنه
طارق النعل اذا صيرها طاقاً فوق طاق وركب بعضها فوق بعض . ( ذلف الانف ) قال إبن الاثير : الذلف قصر الأنف
وإنبطاحه وقيل إرتفاع طرفه مع قصر أرنبته. وقال الخطابي : يقال أنف أذلف , أذا كان فيه غلظ وإنبطاح.
// عــــددهــــــم \\
أعلم عزيزي القارئ أن عددهم كثير بكثرة هائله حتى أن أولهم يمر ببحيرة طبريا فيشربها فيمر أواخرهم فيقولون لقد كان بهذه
مره ماء. وفي حديث عمران ابن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ والذي نفسي بيده إنكم لمع خليقتين
ماكانتا مع شئ قط إلا كثرتاه يعني " يأجوج ومأجوج " ] . قال إبن كثير في البداية والنهاية : يعني ماكانتا مع شئ إلا غلبتاه كثرة
وهذا يدل على كثرتهم وأنهم أضعاف الناس مراراً عديدة , فهم أمم وخلق لاعلم عددهم إلا الذي خلقهم.
وعن عبدالله بن عمرو قال ( إن الله جزأ الخلق عشرة أجزاء فجعل تسعة أجزاء الملائكه وجزء سائر الخلق , وجزأ الملائكة عشرة
أجزاء , فجعل تسعة أجزاء يسبحون الليل والنهار لايفترون وجزء لرسالته , وجزء الخلق عشرة أجزاء فجعل تسعة أجزاء يأجوج
ومأجوج وجزء سائر الخلق ). ولكثرة عددهم فهم يأخذون الحيز الاكبر من الأرض فقد أخرج الداني في سننه عن الأوزاعي قال :
قال ابن عباس رضي الله عنهما ( الأرض ستة أجزاء فخمسة أجزاء فيها يأجوج ومأجوج وجزء فيه سائر الخلق ).
وأخرج إبن عدي وإبن أبي حاتم والحاكم والطبراني وإبن مردويه والداني في سننه عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه , فقلت يا
رسول الله وما يأجوج ومأجوج ؟ قال [ يأجوج أمه ومأجوج أمه , كل أمة أربعمائة ألف أمة , لايمو الرجل منهم حتى ينظر إلى
ألف عين تطرف ما بين يديه من صلبه ]. قال إبن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري : الحديث ضعيف لكن لبعضه شاهد
صحيح , أخرجه غبن حبان من حديث عبدالله بن مسعود رفعه ( إن يأجوج ومأجوج أقل ما يترك أحدهم لصلبه ألفاً من الذرية ].
وأخرج النسائي من رواية عمرو بن أوس عن أبيه رفعه ( إن يأجوج ومأجوج يجامعون ماشاءوا ولا يموت رجل منهم إلا ترك من
ذريته ألفاً فصاعداً ). وأخرج الحاكم عبد بن حميد وإبن المنذر والطبراني وإبن مردويه والبيهقي في البعث وإبن عساكر عن إبن عمرو
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم ولا يموت منهم رجل إلا
ماترك من ذريته ألفاً فصاعداً وإن من ورائهم ثلاث أمم تاويل وتاريس ومنسك ].
// هـــل هـــم مـــوجـــودون الآن \\
عندما نقرأ قـصة ذي الـقـرنـيـن من سـورة الـكـهـف فـإن الآياـت الـقـرآنـيـة تـشـيـر إلـى وجـودهمـ خلــف الـسـد الذي أغلقه ذو القرنين
قال تعالى (ثُم أتبعَ سَبَباً () حتَى إذَا بَلَغَ بَينَ السَدين ()وَجَد من دُونِهمَا قوماً لا يَكادُونَ يَفقَهُونَ قَولاً () قَالُوا ياذا القَرنَين إن يأجوجَ وَمَأجُوجَ
مُفسدُون فِي الأرِض فَهَلنَجعَلُ لَكَ خَرجاً عَلى أن تُجعَل بَينَنَا وبَيَنهُم سَداً() قَالَ مَا مَكني فِيه رَبٌي خَيرٌ فَأعِنُونِي بِقوةٍ أجعَل بَينكُمُ وَبَينَهُم رَدماً
()ءاتُونِي زُبَرَ الحَديِد حَتى إذَا سَاوَى بَينَ الصدَفَين قَالَ انفُخُوا حَتى لإذَا جَعَلَةُ نَارا قَالَ ءَاتُونِي أفرغ عَلَيِه قِطراً () فَمَا استطَاعُوا أن يَظهرُوهُ
وَمَا استطَاعُوا لَهُ نَقباً () ).
ذو القرنين : - القول الراجح فيه أنه ملك مسلم من ملوم اليمن , أعطى العلم والحكمه سمي بذلك لانه ملك مشارق الارض ومغاربها , يسر
الله له أسباب الملك والفتح والعمران وأعطاه كل ما يحتاج إليه للوصول إلى غرضه من أسباب العلم والقدرة والتصرف.
بينت الآيات القرآنية أنه سلك طريقاً جهة الشمال حيث الجبال الشاهقة حتى إذا وصل إلى منقطة بين حاجزين عظيمين وجد هنالك قوماً
لايخالطون الناس لبعدهم فثقل كلامهم , فأخبروا ذا القرنين عن يأجوج ومأجوج وإنهم مفسدون في الأرض وطلبوا منه أن يجعل بينهم وبين
يأجوج ومأجوج حاجزاً , فأجابهم وبنى السد الذي سيأتي وصفه فيما بعد , وهم الآن محجوزون خلفه لا يستطيعون الصعود عليه أو ثقبه
ومحاولاتهم لتسوره غير مجديه لعلو السد وملاسته , ومحاولة خرقه من أسفل لا طاقة لهم بها لصلابته وثخانته , وقد ورد في الحديث
( أن ياجوج ومأجوج يحاولون كل يوم فتح ثغرة بالسد للخوج منه منذ أن بنى ذو القرنين عليهم السد إلى أن يأذن الله لهم بالخروج ).
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع
الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غداً , فيعودون إليه كأشد ما كان , حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله عز وجل أن يبعثهم إلى الناس
حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم أرجعوا غستحفرونه غداً ( إن شاء الله ) فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه
فيحفرونه ويخرجون على الناس ).
وقال تعالى [ وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ]. قال القرطبي في تفسيره والضمير في تركنا لله تعالى , أي تركنا الجن والأنس يوم
القيامة يموح بعضهم في بعض. وقيل تركنا يأجوج ومأجوج وقت كمال السد يموج بعضهم في بعض واستعارة الموج لهم عبارة عن الحيرة
وتردد بعضهم في بعض كالمولهين من هٌم وخوف فشبههم بموج الحبر الذي يضطرب بعضه في بعض. وقيل تركنا يأجوج ومأجوج يوم
إنفتاح السد يموجون في الدنيا مختلطين لكثرتهم , قلت – أي القرطبي – فهذه ثلاثة أقوال أظهرها أوسطها وأبعدها أخرها وحسن الأول.
فالقرطبي يرجح القول بأنهم مضطربون , خائفون , ويموج بعضهم في بعض من بعد مابنى عليهم ذو القرنين السد , وحيرتهم هذه هي
الدافع لهم لحفر السد كل يوم ليجدوا المنفذ للخروج.
إذاً يأجوج ومأجوج موجودن الآن حتى ان البعض يعتقد أنهم أهل الصين لتشابه صفاتهم معهم , وهذا توهم لا اساس له من الصحه ,
فيأجوج ومأجوج لايستطيعون الخروج حتى يأذن الله لهم , فهم موجودن لكن أين ؟؟ لا يعلم ذلك إلا الله تعالى . وقد يتسائل البعض
لو كانوا موجودين لتم أكتشافهم فالاقمار الصناعية والوسائل العلمية التي توصل إليها العلماء اليوم كفيلة بتصوير كل ماعلى الأرض
والجواب على ذلك أن مكان وجودهم يدخل تحت حكم الغيب الالهي كالجن والملائكة وكلهم موجودون وهم أكثر من ياجوج ومأجوج ولكن
هل نراهم ؟؟.هم يشاركوننا سُكنى الأرض ومنهم من يسكن السماء ومنهم من يسكن على الماء لكن كيف لانراهم لانعرف لأن إرادة
الله إقتضت أن يحجب عنا معرفة ذلك ومثلهم يأجوج ومأجوج فهم محجوبين عن الأنظار إلى حين خروجهم والله أعلم.
// بـــنــــــاء الــــــــســـــــد \\
كما ذكرنا سابقاً فإن الذي بنى السد هو ذو القرنين بنى على طلب القوم الذين ذاقوا الويلات من يأجوج ومأجوج فعرفوا فسادهم فأخبروا
به ذو القرنين . قال القرطبي واختلاف في فسادهم فذكر سعيد بن عبدالعزيز ان فسادهم كان أكل لحوم البشر. وقالة فرقة أفسادهم كان
متوقعاً أي سيقع مستقبلاً فطلبوا بناء السد على وجه الترحز منهم. وذكر آخرون أن فسادهم هو الظلم والغشم والقتل وسائر وجه الافساد
المعلوم من البشر. وذكر شوكاني في فتح القدير أنهم كانوا يخرجون إلى الارض هؤلاء القوم الذين شكوهم إلى ذي القرنين في أيام الربيع
فلا يدعون فيها شيئاً اخضر إلا أكلوه . هذا الفساد جعل القوم يطلبون من ذو القرنين بناء السد. قال تعالى [ قالوا يا ياذا القرنين إن يأجوج
ومأجوج مفسدون في الارض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سداً ]. وأخبروه على جهة الاستفهام أن مستعدون لجعل جزء
من أموالهم ضريبة له أن هو قام ببناء السد , وهذا أستدعاء منهم لقبول مايبذلونه على جهة حسن الادب , لكنه أجابهم بأن مابسطه الله من
الملك وقدره خير من ضريبتهم وأموالهم , ولكنه طلب منهم ان يساعدوه بقوة أبدانهم وعملهم وآلات ابنائهم , وهذا تأييد من الله تعالى
لذي القرنين في هذه المحاوره , فإذن القوم لو جمعوا له ضريبة لم يعن أحد منهم ولوكلوه إلى نفسه لبناء السد , لكن معاونتهم بأنفسهم
وعملهم أجمل واسرع في إنقضاء هذا العمل.
قال تعالى [ مامكني فيه ربي خير فأعيونوي بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً ]. وبدأ بناء السد فأمرهم بنقل قطع الحديد والتي تشبه القطعة
منها اللبنه إلى مكان البناء ثم جعل يبنيها بين الجبلين , حتى حاذى بالبناء رؤوس الجبلين طولاً و عرضاً . وبعد أن أكمل البناء أمر
العمال بإيقاد النار على قطع الحديد ثم النفخ بالكيران , وقيل : كان يأمر بوضع طاقة من قطع الحديد والحجارة ثم يوقد عليها الحطب
والفحم , ويأتي بالمنافخ فينفخ تحتها حتى تحمى وتصبح قطع الحديد حمراء كالنار لشدة توهجها وإحمرارها ثم أمرهم بصب النحاس
المذاب على الحديد المحمي فألتصق بعضه ببعض وصار جبلاً صلداً.
قال سيد قطب رحمه الله في ظلال القرآن ( وقد أستُخدمت هذه الطريقه حديثاً – أي الطريقة التى بنى فيها ذو القرنين السد – في تقوية
الحديد فوجد أن اضافة نسبة من النحاس إلى الحديد تضاعف مقاومته وصلابته وكان هذا الذي هدى الله رإليه ذو القرنين وسجله في
كتابه الخالد سبقاً للعلم البشري الحديث بقرون لايعلم عددها إلا الله سبحانه وتعالى ).
// وصـــــف الـــــــســــــــد \\
أخرج البخاري تعليقاً مجزوماً به في صحيحه في كتاب الأنبياء قال ( وقال رجل للنبي صلى الله عليم وسلم رأيت السد مثل البرد المحبر
قال : قد رأيته ). قال أبن حجر في فتح الباري وقد وصل هذا الحديث إبن ابي عمر من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن رجل
من أهل المدينة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم ( يارسول الله قد رأيت سد يأجوج ومأجوج , قال : كيف رأيته , قال : مثل البرد
المحبر , طريقة حمراء وطريقة سوداء ). وروى هذا الحديث الطبراني من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن رجلين عن أبي بكرة
أن رجلاً اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : وذكره نحوه. وأخرجه أيضاً البزار من طريق يوسف إبن أبي مريم عن أبي بكرة.
و " البراد المحبر " أي المُزين , فالسد إختلط فيه صفرة النحاس وحمرته مع سواد الحديد.
وذكر إبن كثير أن الخليفة الواثق بعث بعض أمرائه وجهز معهم جيشاً وكتب معهم كُتب إلى الملوك من أجل المساعدة للوصول إلى السد
وليكشفوا خبره ويعاينوه وينعتوه له اذا رجعوا , فتوصلوا من بلاد إلى بلاد ومن ملك إلى ملك حتى وصلوا إليه , ورأوا بنائه من الحديد
ومن النحاس وذكروا أنهم رأوا فيه باباً عظيماً وعليه أقفال عظيمة ورأوا بقية اللبن والعمل في برج هناك وأن عنده حرساً من الملوك
المتاخمة وأنه عالٍ منيف شاهق لايستطاع تسلقه ولا ماحوله من الجبال , ثم رجعوا إلى بلادهم وكانت غيبتهم أكثر من سنتين وشاهدوا
أهوالاً وعجائب.
وذكر أبن كثير في البداية والنهاية رواية مطولة فقال , وكان الخليفة الواثق قد رأى في النوم كأن السد فتح , فأرسل رسوله وكتب له إلى
الملوك بالوصاة به وبعث معه ألفي بغل تحمل طعاماً فانتهوا إلى حدائق خراب , وهي التي كانت يأجوج ومأجوج تطرقها فخربت من
ذلك الحين إلى الآن. ثم أنتهوا إلى حصن قريب من السد فوجدوا قوماً يعرفون بالعربية والفارسية ويحفظون القرآن ولهم مكاتب ومساجد
فجعلوا يعجبون منهم ويسألونهم من أين أقبلوا , فذكروا لهم أنهم من جهة أمير المؤمنين الواثق , فلم يعرفوه بالكليه , ثم إنتهوا إلى جبل املس
ليس عليه خضر , وإذا السد هنالك من لبن حديد مغيب في نحاس وهو مرتفع جداً لايكاد البصر ينتهي إليه وله شرفات من حديد وفي وسطه
باب عظيم بمصراعين مغلقين عرضهما مائة ذراع . وعند ذلك المكان حرس يضربون عند القفل كل يوم فيسمعون بعد ذلك صوتاً عظيماً
مزعجاً فيعلمون أن وراء هذا الباب حرس وحفظة , وقريب من هذا الباب حصنان عظيمان بينهما عين ماء عذبة , وفي إحداهما بقايا العمارة
من مغارف ولبن من حديد وغير ذلك , وإذا طول اللبنه ذراع ونصف في ذراع ونصف في سمك شبر.
وذكر القرطبي في التذكرة قال : وفي تفسير الحوفي أن ذا القرنين لما عاين ذلك منهم , إنصرف إلى مابين الصدفين فقاس ما بينهما فوجد بعد
ما بينهما مائة فرسخ فلما أنشأ في عمله حفر له أساساً حتى اذا بلغ الماء جعل عرضه خمسين فرسخاً , وجعل حشوة الصخور وطينة النحاس
يذاب ثم يصب عليه فصار كأنه عرق من جبل تحت الأرض , ثم علاه وشرفه بزبر الحديد والنحاس المذاب وجعل خلاله عرقاً من نحاس
فصار كأنه برد حبره من صُفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد. وذكر القطان في تيسير التفسير : أن طول السد خمسون ميلاً وإرتفاعه تسعة
وعشرون قدماً وسُمكه عشرة أقدام وتتخلله بعض الأبواب الحديديه , وفي أعلاه برج للمراقبة . وذكر النسفي في مدارك التنزيل . ( قيل حفر
الأساس حتى بلغ الماء وجعل الاساس من الصخر والنحاس المذاب , و البنيان من زبر الحديد بينهما الحطب والفحم حتى سد ما بين الجبلين إلى
أعلاهما , ثم وضع المنافخخ حتى إذا صارت كالنار صب النحاس المذاب على الحديد المحمي فأختلط وألتصق بعضه ببعض وصار جبلاً جلداً
وصلداً , وقيل بعد مابين السدين مائة فرسخ ).
// مــــــكـــــــــان الــــــــــســـــــــد \\
تحديد مكان السد قطعاً امر غير وارد فنحن لانستطيع الجزم بشئ عن مكان السد وأين هو ؟ لأن النصوص القرآنية والاحاديث النبوية لم تحدد
ذلكبل جاءت مبهمة , تدل على منطقة بين حاجزين طبيعيين تفصلهما فجوة أو ممر بناه ذو القرنين , ولكن وردت أقوال للعلماء عن مكان السد
تخمينا ًأنقلها للقارئ الكريم كما هي.قال ابن كثير في تفسيره : يقول الله تعالى مخبراً عن ذي القرنين [ ثم أتبع سببا ] أي ثم سلك طريقاً من مشارق
الأرض حتى إذا بلغ بين السدين وهماجبلان متناوحان بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك , وقال الشوكاني في فتح القدير ,
وقد أخرج إبن المنذر عن إبن عباس رضيالله عنهما في قوله تعالى ( حتى اذا بلغ بين السدين ) فال الجبلين : أرمينية وأذربيجان , وقال النسفي في
مدارك التنزيل ( وهذا المكان – أي مكان السد – في منقطع أرض الترك مما يلي المشرق ).
وقال سيد قطب في ظلال القرآن ( كشف سد بمقربة من مدينة ترمذ , عرف بباب الحديد وقد مر به في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي العالم
الألماني"سيلد برجر " وسجله في كتابه وكذلك ذكره المؤرخ الأسباني " كلامينجو " في رحلته سنه ( 1403 ) , وقال : ان سد مدينة باب الحديد
على طريق - سمرقند والهند – وقد يكون هو السد الذي بناه ذو القرنين.
وقال الاستاذ عبد العزيز بن عبدالرحمن المسند في كتابه عن الصين ( إن السد موجود اليوم في مكان جبلي شاهق الارتفاع , شديد التضرس قائم
كجدارينشامخين على جانبيه في المضيق الجبلي المعروف بأسم " داريال " وهو مرسوم في جميع الخرائط الإسلامية والروسية في جمهورية
جورجيا , وقد إستخدمت في تشيده قطع الحديد الكبيره وافرغ عليه النحاس المنصهر كما وصفه القرآن الكريم تماماً , وهو كتل هائلة من الحديد
المخلوط بالنحاس موجودةفي جبال القوقاز , وهي أعلى جبال أوروبا قاطبة , إذ تصل قمة البروز فيها إلى إرتفاع ( 5630 ) متراً وتتجمد فوقها
الثلوج . وهي جبال شاهقة تمتدمن البحر الأسود حتى بحر قزوين وتمتد حتى تصل بين البحرين بطول ( 1200كم ) , وهي جبال إلتوائية حديثة
التكوين متجانسة التركيب من كتل هائلةمن الحديد الصافي المخلوط بالنحاس الصافي في سد داريال . و ذكر القطان في تيسير التفسير ( و بقول
الخبراء الذين زاروا المنطقة أن هذا السد موجود الآن ويُعرف بسد دربند بالقرب من مدينة ترمذ ).